شوكلاتة بكريمة البندق

لأنها تذوب نعم .. و لكن تترك أعمق الأثر

Category: قصص

روميو هو صديقي…

by Doctoraazma

idp

حلمنا نهار.. نهارنا عمل

نملك الخيار.. وخيارنا الأمل

…كما في رقصة حديثة على مسرح لا ضوء فيه سواهما، ينهض العاشقان رويدًا رويدًا بحركات انسيابية كأنما موج البحر أمامك، يلحق بعضه ولا يلتقي، ينكسر ثم يلملم شتات نفسه، يرتفع وينحسر.

تلتفت إليه، تختلس نظرة؛ تطمئن…

في ظهرها رجلٌ؛ كامل الأوصاف.

وتهدينا الحياة.. أضواء في آخر النفق

تدعونا كي ننسى ألمًا عشناه

نستسلم؟ لكن لا… ما دمنا أحياء نرزق

مادام الأمل طريقًا؛ فسنحيا!

تتباعد المسافات وفي ظلام الحياة تلتقي العيون نبراسًا؛ كل منهما يضيء للآخر دربه ولا يدري، كل منهما لا يرى سوى نور رفيقه، ولا يدرك أنه نوره. يتمسك كل منهما بالأنفاس أملًا في لقيا… في كلمة؛ في حياة!

بيننا صديق.. لا يعرف الكلل

مخلصٌ… رقيق؛ إن قال فعل

على جانب دروب الحياة الوعرة وفي صمت العالم؛ بقيت عيناها يقظتان، قلبها يستدعي الدفئ في ذكرى قَصَصَهُ ويرقع في حياء ثقب بدأ يتخذ مكانه في الوسط تمامًا؛ لغيابه. تدندن شفتاها أملًا في غفوة

روميو هو صديقي… يحفظ عهد الأصدقاء

يعرف كيف يجابه الأيام

روميو هو صديقي… علمنا معنى الوفاء

علمنا ألا نخشى الآلام

تفلت الكلمات من الدندنات ويصبح روميو هو حبيبي… علمنا معنى الوفاء؛ بالطبع لا نخشى الآلام. تفيق إثر كلماتها وتتلفت ذعرًا.. يعود ذهنها لرقصتها اللا نهائية… تتلفت حولها هل سمع؟ تتلمس أثره ولا تصل… تدور في إثر طيفه؛ هلا ظهرت.

مخلص رقيق؛ إن قال فعل

علمنا ألا نخشى الآلام

مادام الأمل طريق؛ فسنحيا!

في جوف الليل، يتشبع قلب روميو بدفء غير معتاد… يفتح عيناه متململًا فيلمح طيفها؛ يبتسم… يغمره الدفء؛ يفيض الدمع وتتلون الوجنتان بنسمة شوق.

بيننا صديق.. لا يعرف الكلل

في الرقصة الحديثة لا يلتقي الحبيبان؛ كموج البحر… متتابعان… لا يلتقيان؛ خطوات الرقصة مستقلة ثابتة في كبرياء. في رقصة روميو الوصال أمان؛ وعدٌ صادق يضبط الميزان… تثقل كفة روميو بوعدٍ؛ تلقي رأسها آن ذاك في اطمئنان… لن تسقط أبدًا؛ يتلقف أناملها، يديرها يعدها العالم، تحني رأسها للوراء وتطمئن…

هي الآن امرأة في كامل ريعانها… في ضمة رجلٌ مخلصٌ رقيق؛ لا يفلت أبدًا، لا يخلف وعدًا… في ضمة رجلٌ؛ يحمل معنى الوفاء.

هي الآن امرأة، في ضعف أنوثتها كل القوة، في ظل رجولته كل أمان؛ كيانان، آمنان، طيفٌ واحد… لا يخشى الآلام!

أسماء

إهداء إلى صديقة غالية

إختلاسات

by Doctoraazma

كان ذلك عندما اختلست العيون المرهقة من الزمان ساعة. على بعد آلاف الأميال التقت العيون المرهقة عبر قمرات صغيرة. وعلى بعد آلاف الأميال تشاركت العيون المرهقة ذات الإبتسامة.

وكان ذلك عندما التمعت عيناه بروحه الرقراقة، وأينعت عيناها كنهار صبي، وتبسمت شفاههم على غير موعدٍ، وسرى التلاقي كبلسم يجبر كسرًا أضناهما ويداوي شروخًا تصدعت في غربتهما ويلئم جروحًا كان سقمها أن ينال منهما. سرى التلاقي كأنفاس غضة لروحهما المرهقة.

وكان ذلك حين كان يراقبها دون أن تلحظ، فرفعت نظرها إليه إختلاسًا فتلاقيا، ففاضت روحها في جسدها خجلًا، وتزين ثغره بابتسامة.

وكان ذلك في غمرة غضبه وحزمه تجاه قوم آخرين، أن كان يلاقي عينيها بابتسامة يطمئن بها قلبها أن لن يكون لها منه إلا الرقة.

وكان ذلك حين ابتسما، كلٌ لرفيقه وحده، وابتسما مليًا ..

ثم كان ذلك حينما تبدا لها خلقه، وتبدت لها شيمه، وابتلعه الغيب سرًا كريمًا راقيًا لا يباح به.

ثم كان أن فاضت روحها خلسة بدعوة، في جوف الليل دامعة، تدعو ربها قلبه، تدعو ربها كان كريمًا فأكرمه، وتبكي، أن إليَّ رُدَهُ.

survive - waiting for k

أسْمَّاءْ

الأزرق

by Doctoraazma

حينما انهالت عليها ضرباته واحدة تلو الأخرى مع فواصل من الركلات أدركت أن وقع الكلمة مقروءة ومسموعة سيتغير للأبد منذ تلك اللحظة. تلك المرة دون غيرها غيرت وقع الكلمات في نفسها وأدركت أن حاجزًا بينها وبين اللغة قد بدأ بناءه.

لم تكن الصورة كما تصور دائمًا. كانت ثابتة تتلقى الضربات وظهرها مستقيم .. كأن شيئًا ليس بكائن وكأن شيئًا لم يكن.

في الصباح التالي كان الأزرق قد أينع على بشرتها البرونزية وومضات الألم التي يشتد وطأها ويخفت قد بدأت تسري في جسدها الذي أمسى واهنًا ولم يبكِ وأصبح هزيلًا ولم يصرخ.

هي، خرجت كما لو لم يحدث شيء.. مرفوعة الرأس كأنما لا شيء يؤلم وعاشت .. بالأزرق، وإن ذبل الجسد لا تذبل الروح.

*صورة*

رقصةُ الوجودِ

by Doctoraazma

أنت أفضل راقص على حلبة الحياة. أقر لك بذلك وأنا أستكين بين ذراعاك للحظة وفي التالية أعلم أنني سأكون بعيدة جدًا، على أطراف أصابعي أدور في دوامة الغربة في غيابك بينما تتمسك بي، بأناملي التي لا تقوى على تركك لأحلق؛ لا تقوى.

تجذبني إليك، أخطو خطوة للأمام ثم خطوتين فتثب أنت بعيدًا عني وتشير لي، أتبعك كزهرة عباد الشمس، إلى حيث تمتد يداك؛ فأودعهما يدي الصغيرة التي لم تعرك الحياة يومًا إلا بصبحة عيناك. تطبق أصابعك القوية على أناملي الضعيفة، تديرني معلقة باصبعك، تحت ظلك، أدور فتبتسم، فابتهج أنا فرحًا. ثم، تضمني.

لحظة استكانة كاملة في صخب الموسيقى المستمرة، حيث تكون الموسيقى الحقيقية دقات قلبي المنفعل وأنفاسك المطمئنة.

في هذه اللحظة، أنضج، تنضج الطفلة داخلي لتكون امرأة. فتستمر الرقصة.

أنت أفضل راقص على حلبة الحياة. أقر لك بذلك!

تتركني يداك لأدور، ثم تغيب في الأفق لا تظهر، يراقصني طيفك حين تغيب ولا أستكين. أدور أدور في دوامة الغربة في غيابك، ولا أصل.

وعندما طال الغياب، راقصت طيفك لمرة أخيرة، أفلتت منه لأدور أدور فأتسرب بين ذرات الهواء، ذبت، كما ذبت من قبل، انتظارًا.

وتسربت بين ذرات الهواء بحثًا عنك، وكنت، كحبك، أول نفس لمولود جديد، ونفس الحياة لنفس كادت أن تموت، واكسير الحياة لزهرة غضة، وذرات يحركها جناح فراشة، ونسيم موج الاسكندرية وتنهيدة راحة. كنت، في الهواء كحبك، أملٌ، وراحة.

وتسربت بين ذرات الهواء بحثًا عنك حتى وجدتك في أنفاس عاشق؛ راقصتني لمرة أخيرة حينها ثم غبتَ..

فغبتُ..

فانتهى كل شيء؛ وأدركت في لحظة أن الوجود كاملًا كان يتلخص في وجودك.

 try

أسماء

*قصة خيالية من وحي الصورة

ْالسكون

by Doctoraazma

وقبل أن تغيب عن الوعي، همست له ذات صباح لم يجيء:

“أجمل من زقزقة العصافير، ولا شيء مثله؛ ذاك هو حضورك..”

فابتسم بعينين ناعستين فاستكانت.

***

تتسارع الأيام والأزمنة وتمر حياة تلو أخرى وقلبها خائف؛ لتجد سكينة في ضوضاء عارمة بدأت من اللا شيء..

تتلعثم كثيرًا إذا ما حاولت وصف ما تمر به، لكنها لا تحتاج للنطق.

لهفتها الغير مبررة، اللهفة الساكنة المحفورة في نظرة عينيها حينما تتطلع إلى المجهول؛ وبكاءها الذي لا تملكه إذا غاب.

هدوءها كطيف يراقص أمواج المساء بخريف الإسكندرية، في حضوره، شيء ما في حضوره يهدهد قلبها ليفرج ثغرها عن ابتسامة بجمال الغروب!

“أنا …” تظل الجملة معلقة بلا تكملة في الفضاء بين ثغرها واذنيه، ويظل هو حاضرٌ هادىءٌ، مطمئن…

كيف استكان إليه قلبها الخائف؟ وكيف يتوقف عن الأسئلة في حضرته؟ لا تدري..

لعل كل شيء بدأ عندما أسرت له ذات شروق “العصافير تزقزق..” والشروق الذي يليه “العصافير زقزقت..” وعندما غامت السماء ذات صباح قالت له: “لم تزقزق العصافير اليوم.. أنا حزينة”..

ما هذا الذي يجمعهما؟ قالت: حضور!

وتساءلت نفسها يومًا: وما الحضور؟ قالت: لحظات هادئة، بأصوات محببة؛ كزقزقة العصافير وما هو أجمل، ولا شيء مثله…

***

تثرثر طويلًا، ويثرثر كثيرًا، يضحكان، يصمتان فيمتزج السكون بضوضاء نفوسهم؛ حاضران.

تسأله: أأنت باق؟

يجيب: أنا هنا إلى أن يجد جديد

قالت: لا أحب الجديد

لم تنتظر إجابة، أسدلت ستار الليل، علقت النجوم في سماءها، وطيف قمر سابح، دثرت الفضاء بحضوره واستكانت..

***

زقزقت عصافير صباح تال؛ فتبسم ثغرها هامسًا: “أجمل؛ لا شيء مثله”

فنامت…

10604648_954251731257898_974936311708085455_o

أسماء

آخر الليل

by Doctoraazma

في آخر الليل، تتجمع الفتيات خلسة، يتضاحكن جبرًا لأوجاع النهار، يتأملن غدًا قد يلوح يومًا ما، في أفق ما. على كتف كل منهن تربيتة خافتة، خفيفة حتى تهون على الروح المثقلة، خفيفة لأنه اذا ما زاد ثقلها ثقل ريش عصفور وليد قد تنكسر الروح المثقلة…

في آخر الليل، تتجمع الفتيات خلسة، يتضاحكن تجاهلًا لجروح نفوسهن، ترتكن كل منهن إلى كتف وهمية لصاحبتها، تذرف الدموع خلسة بين الضحكات، الهواء يشاركهن الجلسة؛ لا أحد غريب.

في آخر الليل، تدرك الفتيات كم كان صخب النهار آمنًا للاختباء، يختبئن مرة أخرى في ضحكاتهن، يتجاهلن صدىً ساخرًا من مدى اصطناعها، يلتحفن بالحب؛ الحب الذي حاكه الوجع بينهن موثقًا تلك الرابطة الغريبة التي لم تعرفها أيهن قبلًا؛ يتلحفن به، وينمن…

في الصباح، يختفي الليل. في الصباح يختفي الليل؛ تنهض كل منهن لتكون تلك التي يعرفها الجميع ولا يعرفها أحد. في الصباح؛ تشرق كل منهن على كواكبها، تنير الكون، حتى يحين الليل مرة أخرى؛ آخر الليل.

Ballet-Photography-YoungGeun-Kim08

أسماء

في ابتسامتها

by Doctoraazma

قال له: “إنني رأيتك في ابتسامتها وهي تثرثر عنك؛ فاطمئننت”

تمت

heh D

أسماء – الدوحة

2 نوفمبر 2014

أرق

by Doctoraazma

قالت:

إنني أحتاجك بشدة، وكلانا يعلم ذلك..

لكنني لا أرى في تمنعك إلا غرورًا.

أنت لست رجلًا مرهوب الجانب، ولا أمانًا منطقع النظير، ولا استقرارًا ولا عهد لا يحنث..

أنت لا شيء مقارنة بهؤلاء، مجرد سبات، حقيقة ليس تقليلًا من شأنك ولكنك لست بذات الأهمية لدي، فكف عن تمنعك..

شيء ما في طبيعتي الإنسانية التي لا اكتمال لها يجعل وجودك حاجة ماسة لدي؛ لو استطعت الإستغناء عنك سأكون بخير.

حقيقة، أنا غاضبة منك، بل أستعر غضبًا.

أنت لا تفهم شيئًا، لا تعرف عن العوالم التي ندور فيها، ولا عن الوطن الذي فقدناه، ولا عن الدماء التي تسيل.

لا تعرف عن البيت، أو السكن، أو الأمان، أو المستقبل، شيء.

لا تعرفني، لا تعرف رأسي الذي لا يتوقف عن التفكير باحثًا في كل شيء، عن شيء ما، عن إجابة لسؤال لم يحسن صياغته.

لا تعرف حلمي، ولا تفاصيلي الصغيرة، ولا أي شيء…

أنت لا تفقه شيئًا في الزحام الذي يخنقني؛ وتتمنع

ماذا قدمت أنت في حياتك لتتمنع؟ ألك حياة أصلًا؟

ماذا فعلت أنا بك لتتمنع؟ هل آذيتك؟ لم أؤذك ..

لم تتمنع .. لم؟!

**

بكت .. وعندما بكت غفت، وفقط عندما غفت آتاها “النوم” مربتًا على روحها المرهقة، المرهقة بشدة، وغنى لها أغاني الطفولة حتى انتظمت أنفاسها، وارتخت يدها  التي تعانق وسادتها المبتلة بدمع لم يجف، وقال: آسف..

دع عنك

أسماء – الدوحة

حوار

by Doctoraazma

كان الأمر طريفًا للمرة الأولى، لم تشعر بالغربة بين الأروقة التي احتضنتها الأشجار والعشب، ارتكنت بظهرها للمرة الأولى منذ أعوام إلى ظهر النخلة في قلب الحديقة، شاخصة ببصرها إلى حيث المقعد الوحيد.

بعد فترة وجيزة، بدأ حديث ما يدور بينهما. هي، بحكايات ظهرها الذي لم يركن إلى الراحة منذ عمر، وحكاياته، هو، الواقف في ذات المكان لا يتحرك، وحيدًا إلا من زوار يأتون ويغدون..

الكثير من الكلام طال الأرواح المعذبة، وتلك الممزقة بين أوطان ها هنا وهناك، شيء عن سفر وشيء عن غربة، شيء عنها، وأشياء عنه..

كادت تقول لها أنها تغبطه على سكونه بمكان واحد لا يحتاج إلى تغيره لكنها لم تشأ أن تعكر صفوه بهمها؛ فتابعا الحديث إلى حيث قاده هو حتى انتهى.

لم يحدث شيء ولم يتغير شيء، ومضت هي بعد قليل باللا شيء الذي حملته من المكان الذي أودعته بعضًا من روحها.

مرقت بالأروقة التي تحتضنها الأشجار مع العشب حتى ابتلعها الأفق…

IMG_3633

أسماء – الدوحة

31 أكتوبر 2014

وطن الحنين

by hazelnutdreamer

نافذة روحي

“ذات يوم عرفت اليأس على يد حراس أبواب الوصول إليكِ، أنتِ الوطن الممنوع الذي يغلبني إليه الحنين؛ ولا أعود..

مازلت مغتربًا مسافرًا دومًا، ورغم أنك قد تضحكين؛ إلا أنني أخشى الشواطىء…

على رباكِ يا صغيرتي عرفت السكينة، عرفت الرضا الذي يتمثل في ضحكة صافية منك بعد يوم شاق، والبهجة في النقاشات الحادة بيننا حول المستقبل الذي طالما رأيته قريب، والأمان؛ أمان أن تركني إليّ أنا، أنا وحدي في نهاية المساء..

أخشى الشواطىء كلها لأنه لا وطن سواكِ وبغيرك، لن أودع شطرًا من روحي، أنتِ روحي. لا شيء بالمرافئ التي داعبت ناظري من بعيد يستهويني. بجوفي قبطان سفينة غاضب، يريد أن يستريح ويكف عن الأمل، ولكنه يومًا رأى عيناكِ، وليته ما رأى!

أتعرفين، أحاول جاهدًا ألا أقول لكِ أنك لن تفهمينني أبدًا. ولكن، ليس الأمر بيدكِ؛ كل ما في الأمر أنني لم أستطع فهم نفسي بعد، وعليه لا أستطيع صياغة ما أريد قوله بعد.

أنا أريد أن أخبركِ أن قلبك بنقاء السحابات البيضاء المبعثرة في الأفق الواسع الذي أعانقه فوق الجبال، هناك حيث “أتنفس حقًا” أفتقدك. أعانق السحابات المشتتة بنظرة الأمل وأتمنى، لو للحظة، أن أضمها إلي، أحتويها في صدري، وتكون مني؛ أنتِ مني…

عيناكِ لا تكذبان؛ تفيضان بروحك كنهر غرناطة الذي مازال ينبض بالحياة؛ ولكن هل يساوي النهر جمالًا بجمال روحك؟

النهر لا يصبر، يمضي ويرحل سريعًا، لا ينتظر أحدًا؛ ولكن، أنتِ صابرة منتظرة، وأنا أعلم، وأخفض ناظريّ أمام جلال صبركِ حياءً..

حين يومًا قررت الرحيل رحلت خوفًا، خوفًا من أن ترينني يومًا ضعيفًا وأنا الذي وعدتكِ بالحماية، أخاف أن أخذلك مرة أخرى، وأبكي؛ وما أدراكِ ما دمع الرجال.

أقف بعد ترحال وخوف أمام مرآة روحيَّ المسافرة، أرى عبر نوافذ الإنسان بداخلي – التي بناها وجدك – وطنًا في رباكِ، يغلبني الحنين، وأعلق عيناي بخوفٍ على أول الطريق…

هل أعود؟

إن الطريق إليكِ وعرٌ، مليءٌ بالمصاعب، والوصول إليك … جنةٌ؛ أستحي أن أقول مستحيل!”

 

 بات الفارس يومها قلقًا مترقبًا، نام على سطح سفينة حياته المرهقة في ظل عواصف روحه الخائفة، يسأل نفسه مرارًا؛ هل يعود؟

نامت عيناه دون إذن منه، واستجاب القدر لدعوة من وسط دمعه صادقة، ودارت السفينة دورة، واتجهت وحدها إلى حيث الوطن…

على المرفئ القديم راقبته بحنين عينان تنبضان بالحياة، تترقبان، تنتظران، وتتأملان أن يصل، بنقاء تنتظر ضمة بالأبيضِ؛ فتكون منه. بقيتا تعانقان السفينة بالأمل؛ حتى نامتا متدثرتان بالدعاء.

في السماء، هناك حيث يتغير كل شيء، التقت الدعوتان، رفعتا كل أقدار الخطر، رضي القدير؛ فكان للقلوب أن تستكين حين تتفتح مع إشراق شمس غد، وتلتقي، ولا تفترق.